كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم إذا تحدث عن سيدنا سليمان وصفه بالنبي سليمان .
وكان يذكر المعجزات التي بُعِثَ بها سليمان : تَسخير الجن والشياطين ، معرفة منطق النمل والطير وتَسبيحهم ، وتَسخير الريح ، إلا أن اليهود كانوا يسخرون ويشككون فيما يقوله صلى الله عليه وسلم وما جاء به القرآن الكريم في الحديث عن سليمان : "وَورِثَ سُليمانُ داوودَ وقالَ يا أَيُّها الناسُ عُلِّمنا مَنطِقَ الطير وأُوتِينَا مِن كل شيء إنَّ هذا لَهُوَ الفَضلُ المُبين." [ النمل : ١٦ ]
ووصف اليهود سيدنا سليمان بالكفر لأن كل ما جاء به كان سحراً . فَأرادَ الله أن يُبَرئ سليمان فَأنزلَ فيه القرآن : "واتَّبَعوا ما تَتْلُوا الشَّياطينُ على مُلكِ سُليمانَ وما كَفر سليمانُ ولكنَّ الشَّياطين كَفروا يُعَلمون الناسَ السحرَ وما أُنزلَ على المَلكينِ بِبابلَ هاروتَ وماروتَ وما يُعلمانِ من أَحدٍ حتى يَقولآ إنَّما نحنُ فِتنةٌ فلا تَكفُر فَيتعَلَّمونَ منهما ما يُفرقونَ به بين المرءِ وزوجهِ وما هم بِضَآرين به من أحدٍ إلا أن بأذنِ الله..." [ البقرة : ١٠٢]
هاروت وماروت في التلمود
ذُكِرت قصة هاروتَ وماروتَ في التلمود وكان إِسمُهِما "شمخزاي وعزازيل" . و دارت أحداث القصة حول المَلَكين عندما نزلا إلى الأرض بعد أن تساءلت الملائكة : لماذا يصبر الله علي آثام البشر؟ وطلب المَلكان من الله أن يَنزلا إلى الأرض لِيُصْلحَها شأن الناس. فأخبرهما الله أنهما لو نزلا إلى الأرض فسوف تستولي عليهما شهوتهما. وعندما أَصرَا أنزلهما الله إلى الأرض ليُقدسَا إسمهُ الأعظم .
وبعد نزولهما أغرتهما فتاة جميلة تسمى "إستيزا" . وإِفْتُتِنا بها . فطلبت منهما أن يَعبُدا الأصنام التي كانت تَعبُدهم . فَرفضا أن يَعبُدا غير الله. ومروا بطفلٍ صغيرٍ طلبت منهما أن يقتلاه. فرفضا أن يَقتِلا نفساً بريئة بغير ذنب.
فطلبت منهما أن يشربا الخمر . فوافقا ، معتقدين أن الخمرَ هي الأقل ضرراً . ولما شَرِبا الخمر، عبدا الأصنام ووقعا عليها بالزنا . ومر بهما طفلٌ صغير فخافا أن يفضحهما ، فقتلاه.
وبينما كانا سَكارى ، عَلَّما الفتاة إسم الله الأعظم الذي بواسطته إستطاعت أن تصعد إلى السماء . لكن بعد صعودها نَسِيت الإسم ، فمسخت إلى كوكب الزهرة الموجود حتى الآن.
ولما نَدِما على كل ما فعلاه من آثام ومعاصي وكان الله قد زال عنهما صفات الملائكة ، طلبا من الله السماح والعفو عنهما، فَخيَّرهما بين عقاب الدنيا وعقاب الآخرة .
فإختارا عقاب الدنيا. فتم ربطهما بسلاسل من حديد متدلين أرجلهما فوق ورأسهما لأسفل في بئر ماء حيث كان دخان الأرض يجتمع في هذا البئر، الذي لم يستطيعا أن يشربا منه. وما زالا موجودان في البئر حتى الآن.
رأي علماء المسلمين في قصة التلموت
رَفضَ علماء المسلمين قصة اليهود لهاروت وماروت ، قائلين أن الملائكة لا تفعل الفواحش قط ، وأن هاروت وماروت ملكين لم يفعلا شيء إلا بإذن الله وأمر الله سبحانه وتعالى حيث قال في كتابه عن الملائكة : " بل عبادٌ مُكرَمون لا يَسبِقونهُ بالقول وهم بِأَمرِه يعلمون." [ الأنبياء : ٢٦ ، ٢٧]. وقال أيضا : " لا يَعْصُونَ الله ما أمرهُم و يفعلونَ ما يُؤمَرون ." [ التحريم : ٦ ]
هاروت وماروت في القرآن
لما نُزِعَ المُلك عن سليمان ، كانت الشياطين تصعد إلى السماء تَسترقي السَّمعَ لما يَقولهُ الملائكةُ ، وتضم اليه الأكاذيب وتلقيه إلى الكهنة فيدونونه ،حتى شاع عنهم أنهم يَعلمون الغيب.
وبالفعل بدأ الناس بتصديقهم وتأمين كلامهم. وفي ذلك الوقت أمر وزير النبي سليمان بن "بارخيا" الذي يقال أنه كان معه علم الكتاب ويعلم إسم الله الأعظم ويقال إنه هو الذي أتى بعرش بلقيس في طرفه عين، أمر بجمع زخائر العلم والسحر الذي كانت الشياطين يكتبونه في كتاب، ولما رجع سليمان إلى المُلك ، جَمع كل هذه الكُتب ودفنها تحت عَرشهِ ولم يتمكن أي من تلك الشياطين من إستخراج تلك الكتب لأنهم كانوا يَعْلمونَ أن من يَقترب من عرشِ سليمان سيحترق .
ولما مات سليمان إستطاعت الشياطين ان تتمثل في شكل إنسان وتوسوس للناس أن سليمان لم يكن نبياً بل كان ساحراً والدليل هو كتب السحر المدفونة تحت عرشه . وبالفعل حفر الناس تحت عرش سليمان وإستخرجوا الكتب وصَدَّقوا الشياطين ، وبسبب ذلك زاد السحرة مدعيين بمعرفتهم بعلم الغيب والنبوة فأنزل الله وهاروت وماروت يَعلِّمان السحر.
الحكمة من تعليم هاروت وماروت للناس السحر
أنزل الله المَلكان هاروتَ وماروتَ يُعلمان الناس السحر ويَقولا لهم نصحاً : إنما نحن فِتنة وبَلية من الله الى الناس ، ليمتحنهم بِتعلمه .فمن تَعلَّمه كَفر ومن تركه فهو مؤمن.
ويعلمون الناس أن أسوء أنواع السحر هو ما يفرق بين المرء وزوجه : بأن يبغض كلاهما الآخر ، وما هم أي السحرة بضارين به أحداٍ إلا بإذن الله وبإرادته ، ويتعلمون ما يضرهم في الآخرة ولا ينفعهم من السحر.
تعليقات
إرسال تعليق