للثوم تاريخ قديم وطويل ، فقد ظل عنصراً سحرياً يجمع بين الفوائد الطبية والمعتقدت الشعبية .
فمنذ العصور القديمة إستخدم المصريون القدماء واليونانيون والرومان الثوم لعلاج الأمراض وتقوية المناعة .ويعود ذلك لإحتوائه على مركب الإليسين الذي يمنحه خصائص مضادة للبكتيريا والفطريات، مما يجعله مضادا حيوياً طبيعياً قادراً على محاربة الإلتهابات وتعزيز صحة الجسم.
أما في عالم الأساطير فقد إرتبط الثوم بالحماية من الأرواح الشريرة ، حيث كان الأوروبيون في العصور الوسطى يُعَلِّقونه كقلائد ويضعونه تحت الوسائل لطرد الشياطين والحمايه من الحسد والعين ويحملونه في جيوبهم للحماية من سوء الحظ .
ولا تزال هذه الفكرة موجودة في الفلكلور الشعبي حتى الآن حيث يظهر الثوم اليوم في قصص الرعب لطرد الوقوى الشريرة.
زراعة الثوم في مصر
تعتبر مصر ثاني أكبر دولة منتجة للثوم في العالم بعد أسبانيا . فيظل الثوم في الأرض ما يقرب من تسعين يوما وهو من المحاصيل التي تنضج وتزدهر في البرد الشديد .
فيُزرع في شهور سبتمبر وبداية أكتوبر .ويتميز بأنه من المحاصيل التي لا تحتاج لمياه ري كثيرة، ولكنه يحتاج إلى عناية فائقة حتى ينضج المحصول.
أنواع الثوم المزروع في مصر
(١) الثوم البلدي (الأحمر المصري).
ويتميز بفصوصه ذات القشرة الخارجية التي تميل الى اللون الوردي أو الأحمر الفاتح. ويكون متوسط الحجم وأحيانا أصغر من الثوم الصيني. ويتميز بنكهته القوية النفاذة. ويدوم تخزينه لفترة طويلة دون أن يفسد.
(٢) الثوم السخاوي (الأبيض المصري).
ويتميز بقشرته البيضاء وفصوصه الكبيرة المتناسقة ، وحجمه أكبر من الثوم البلدي، لكن نكهته أخف من الثوم البلدي. وهذا النوع مُقاوم للإنبات مما يجعله مثاليا للتخزين طويلا.
(٣) الثوم الصيني المزروع في مصر.
وهو أبيض ناصع مع قشرة ناعمة سميكة، وحجمه أكبر من البلدي السخاوي، ونكهته أقل حدة من المصري التقليدي ،ويدوم تخزينه لفترات طويلة نسبيا بسبب قشرته السميكة وطرق معالجته.
الفرق بين الثوم البلدي و الثوم الصيني من حيث الشكل
(١) الثوم البلدي يكون رأسه وفصوصه صغيرة الحجم عكس الثوم الصيني الذي تكون رأسه وفصوصه كبيرة.
(٢) تحتوي رأس الثوم البلدي على أكثر من عشرين فصا، وتكون الفصوص الخارجية أكبر من الفصوص الداخلية. أما الثوم الصيني فتحتوي رأسه على عدد أقل من الفصوص ولا يتعدى ذلك العشر فصوص بسبب حجمه الكبير.
(٣) الثوم البلدي لونه أبيض باهتا، بينما الصيني يكون شديد البياض، وذلك لتعرضه للكيماويات والمبيضات.
كيف يمكن التمييز بين الثوم الطبيعي والمعالج؟
الثوم المعالج كيميائيا لا ينبت حتى بعد تخزينه لفترة طويلة، على عكس الثوم الطبيعي الذي يبدا في الانبات بالبراعم الخضراء بعد فترة من تخزينه.
ويمكن تجربه ذلك بزراعة فص ثوم في التربة، فإذا لم يَنبت فمن المحتمل أنه قد عولج بمضادات الإنبات.
المواد الكيميائية وهرمونات الإنبات وأضرارها
(١) يستخدم ثاني أكسيد الكبريت SO2 لحفظ الثوم من التعفن والفطريات أثناء التخزين ، مما قد يتسبب في الإصابة بحساسية الجهاز التنفسي وإضطرابات الجهاز الهضمي : الغثيان و الإسهال.
(٢) تستخدم أشعة جاما والأشعة السينية للتعقيم من أي بكتيريا أو فطريات ، لمنع الإنبات أثناء التخزين الطويل .وهذا ما قد يؤدي إلى التقليل من فائدته وقيمته الغذائية.
(٣) تُستخدم مضادات الإنبات والمركبات العضوية لمنع نُمو البراعم أثناء التخزين لزيادة العمر الإفتراضي، وهذا ما قد يُؤدي للإصابة ببعض أمراض السرطان ويُحدث خلل في التوازن الهرموني للجسم.
(٤) إستخدام المبيدات الحشرية والفطرية لحماية الثوم من الإصابة بالحشرات والأمراض أثناء الشحن والتخزين . وهذا ما قد يتسبب في مشاكل في الجهاز العصبي وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل: السكري والسرطان.
كيف يمكن تقليل مخاطر تلك المواد؟
علينا بغسل الثوم جيدا بالماء و الخل لمدة ١٥- ٢٠ دقيقة قبل الإستخدام. و يُنصح دائما بشراء الثوم العضوي أو المحلي الطبيعي.
كما يجب تجنب الثوم الذي لا ينبت أبدا بعد التخزين لأنه غالبا ما يكون معالجا كيميائيا.
تخزين الثوم في بيوتنا
(١) التخزين في مكان جاف وجيد التهوية ومظلم مثل خزائن المطبخ ، ويُفضل أن يكون التخزين بوضعه في شبكة أو كيس ورقي وليس في كيس بلاستيك . وهذه الطريقة تصلح لحفظ الثوم من شهر إلى ثلاث أشهر.
(٢) التخزين في الثلاجة في كيس ورقي في درج الخضروات ، مع العلم أنه يمكن أن يبدأ في الإنبات بسرعة.
(٣) يمكن تخزينه في الفريزر وذلك بتقشيره ووضعه بفصوصه كاملة داخل كيس ثلاجة أو حاوية زجاجية . كما يمكن فرم الثوم ومزجه بقليل من الزيت ووضعه في أكياس صغيرة .وهذه الطريقه للحفظ من ٦ـ ١٢ شهرا.
(٤) التخزين في الزيت وذلك بتقشيره ووضعه في برطمان زجاجي مملوء بالزيت وإحكام غلقه لإستخدامه خلال أسبوعين إلى شهر.
(٥) التجفيف لصُنع مسحوق الثوم لإستخدامه على فترات طويلة.
(٦) التخزين بالماء والخل الأبيض ويحفظ في الثلاجة لبضع شهور.
هل يفسد الثوم المهروس المحفوظ في الفريزر؟
نادراً ما يفسد الثوم إذا تم تخزينه في درجة حرارة منخفضة ( -١٨ مئوية) ، لكنه قد يفقد نكهته القوية تدريجياً بمرور الوقت . أما إذا تم إضافة الزيت اليه وتركه في درجة حرارة الغرفة لمدة طويلة ، قد يؤدي ذلك إلى نمو بكتيريا البوتولينوم التي تسبب التسمم الغذائي.
و من الأفضل تجميد الثوم المهروس بدون زيت . وعموما فالثوم المفروم لا يفقد كل فوائده ولكن يفقد جزء من الإليسين إذا تم تركه مفروما لفترة طويلة.
القيمة الغذائية للثوم
الثوم غني بالعناصر الغذائية المفيدة للصحة . فهو يحتوي على العديد من المركبات النشطة التي تُعزز جهاز المناعة وتُحسن الصحة بوجه عام . فهو غني بالبروتينات والكربوهيدرات والدهون. كما أنه غني بالفيتامينات : فيتامين سي وبي ٦ . ويحتوي على الكثير من المعادن:الكالسيوم والحديد والمغنيسيوم والبوتاسيوم والزنك.
ويحتوي الثوم على الكثير من المواد النشطة مثل : الإليسين Allicin المضاد للبكتيريا و الفيروسات والذي يُعتبر من أقوى مضادات الأكسدة ،حيث يحارب الجذور الحرة ويقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة . كما يحتوي على الكبريت العضوي الذي يقلل من الإلتهابات ويحسن صحة الأوعية الدموية وضغط الدم.
الفوائد الصحية للثوم
(١) يُقوي المناعة ويُقلل من خطر الإصابة بنزلات البرد والعدو ى.
(٢) يُخفض ضغط الدم ويحسن صحة القلب.
(٣) يُساعد على تخفيض الكوليسترول ويُقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب.
(٤) يَدعم صحة الدماغ ويقلل من خطر الإصابة بالزهايمر
(٥) يُحسن الهضم ويُعزز صحة الأمعاء.
أضرار الثوم وآثاره الجانبية
(١) قد يتسبب في إضطرابات الجهاز الهضمي: الإنتفاخ والغازات والتقلصات والحموضة.
(٢) يحتوي الثوم على مركبات كبريتية تنتقل عبر الدم وتسبب رائحة الفم والجسم وتدوم لساعات.
(٣) يتسبب الثوم في خفض ضغط الدم ويكون خطراً على من يعانون من الضغط المنخفض.
(٤) يحتوي على مركبات تمنع تَخثَّر الدم ، مما قد يزيد من خطر النزيف وبالأخص قبل العمليات الجراحية ولمن يتناولون مُمَيِّعات الدم مثل الأسبرين.
(٥) قد يسبب حُرقة المعدة وتهيجها عند تناوله على الريق لمن يعانون من قرحة المعدة وإرتجاع المرئ
(٦) قد يسبب الحساسية الجلدية لبعض الناس: إحمرار الجلد والحكه والطفح الجلدي.
حكم أكل الثوم في الإسلام
روى البخاري ومسلم عن جابر إبن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أكل ثوما أو بصلا فَليعتزلُنا أو يَعتزل مسجدنا ويقعد في بيته."
وهذا الحديث لا يُحرِّم أكل الثوم ولكنه يُشير إلى تجنب دخول المسجد بعد أكل الثوم بسبب رائحته القوية وحتى لا يؤذي المصلين والملائكة . ويُستحب أكل الثوم بعد طهيه حيث تقل رائحته مقارنة بالثوم النيء.
تعليقات
إرسال تعليق