التوحد ليس مرضا عقليا ، بل هو عبارة عن إضطراب عصبي و عقلي معقد يؤثر علي وظائف الدماغ الطبيعية التي تسبب سلسلة من مشاكل النمو العديدة ، و يكون أكثرها وضوحاً في التواصل و التفاعل الإجتماعي علي السلوك .
و يعتبر التوحد إحدي الإضطرابات المُشَوِّهة للنمو، و يأتي بعدها مباشرة متلازمة "آسبرجر " .
الفرق بين التوحد و متلازمة آسبرجر
(*) التوحد يصيب الطفل في السنوات الثلاث الأولي من حياته . و الطفل المصاب بالتوحد يمتلك درجة من الذكاء أقل من المعتاد ، و بالتالي يكون لديه مشكلة في التعلم ، كما يكون لديه بعض المشكلات في التواصل و التكيف في الحياة اليومية بالإضافة لإنغلاقه و إنطوائيته علي نفسه ، ولا يستجيب عند مناداته بإسمه ، و يرفض الإمساك به أو معانقته ، كما يكون متأخرا في الكلام ، يستخدم صوتاً روبوتيا مثل الإنسان الآلي، لديه صعوبة في التعرف علي الإشارات الغير لفظية من تغييرات الوجه كالإبتسامة و الضحك و التكشير .
(*) متلازمة آسبرجر و يصاب بها الطفل ما بين الخامسة و التاسعة من عمره. و الطفل المصاب يمتلك من الذكاء ما يمتلكه الطفل العادي و يميل للإختلاط بالإطفال في سنه و لكنه لا يستطيع التفاعل معهم ، فيبدو و كأنه وحيداً بينهم .
كذلك يكون لديه مشكلات في مهارات التواصل الإجتماعي : دائما يَنْصَبْ تفكيره علي موضوع واحد و لا يميل للإنخراط في أكثر من نشاط ، قليل الإبتسام عندما يكون بعيداً ، رد فعله يكون سطحياً تجاه المواقف الفكاهية و الهزار ، فلا يضحك .
أسباب الإصابة بالتوحد و آسبرجر
لا تزال أسباب إضطراب التوحد بوجه عام غير معروفة ، لكن يرجح الأطباء بعض العوامل التي ربما يكون لها دخل بالإصابة بالتوحد:
(١) العامل الوراثي : فيزيد إحتمال ولادة طفل مصاب بالتوحد إذا كان له أخ أو أخت أو توأم أو أحد الوالدين مصاب بالتوحد.
(٢) يعتقد بعض الباحثين أن هناك حيثيات بعضها قد يؤثر علي الدماغ و تطوره، و علي طريقة إتصال خلايا الدماغ فيما بينها، فتؤدي إلي هذا الإضطراب بالدماغ و الجهاز العصبي.
(٣) كما يرجح بعض الباحثين إصابة الطفل بالتوحد قبل و أثناء و بعد الولادة نتيجة تعرض المرأة الحامل لعقاقير كيماوية أو أدوية أو تكون الأم من متناولي الخمر.
(٤) يرجح بعض الباحثين الإصابة بالتوحد لبعض العوامل البيئية مثل تلوث الهواء أو التعرض للمعادن الثقيلة أو السموم البيئية.
(٥) يميل بعض الباحثين إلي الإعتقاد بأن الأبوة المتأخرة قد تزيد من إحتمال الإصابة بالتوحد.
(٦) يعتقد بعض الباحثين أن بعض اللقاحات مثل اللقاح الثلاثي MMR لقاح الحصبة و النكاف و الحصبة الألمانية ، قد يكون سببا للإصابة.
أنماط السلوك عند الطفل المصاب بالتوحد
*) يرغب الطفل في العزلة الشديدة عن الآخرين.
*) يقوم الطفل بحركات متكررة مثل التأرجح أو الدوران أو رفرفة اليدين.
*) يقوم الطفل ببعض الأنشطة التي تسبب الأذي مثل العض أو ضرب الرأس.
*) يكون لدي الطفل بعض الأنماط الحركية الغريبة: السير علي أطراف القدمين، لغة الجسد تكون سيئة بل و منعدمة لديه.
*) قد تكون لديه تفضيلات معينة من الأطعمة: يرفض بعض الأطعمة ذات ملمس معين، أو تناول كميات قليلة من الطعام.
") يضحك أو يبكي دون سبب و يقوم بحركات متعددة مثل الإهتزاز و المشي علي أطراف الأصابع.
أنماط السلوك عند طفل آسبرجر
*) يرغب الطفل في الجلوس مع الآخرين.
*) يتميز بالصمت الإنتقائي الذي يتخذه وسيلة للإبتعاد عن الأطفال الآخرين.
*) الحساسية الزائدة تجاه الضوء و الروائح.
*) عدم ملامسة العين أو التحديق بشكل مبالغ فيه.
*) عدم القدرة علي تكوين صداقات.
*) يواجه الطفل المصاب صعوبات في المهارات الحركية مثل المشي أو الركض.
*) إضطراب و تقلب المزاج السريع ، و الإكتئاب .
هل للتوحد درجات متعدده ؟
يؤكد الأطباء النفسيين أن للتوحد أشكال مختلفة ، تختلف من طفل لآخر ، و يظهر ذلك واضحا من خلال تراوح درجات الذكاء و تجاوب الطفل مع المحيط و مهاراته في التواصل . فهناك مصابون بالتوحد قادرون علي قيادة سيارة و الحصول علي شهادة جامعية ، بينما هناك آخرون لا يمكنهم حتي التعبير عن أنفسهم أو حتي التصرف بشكل مقبول إجتماعيا ، بل و قد يعانون مشاكل العدوانية و العنف و الإيذاء الذاتي.
هل هناك فرق بين التوحد و التخلف العقلي؟
يصيب التوحد الطفل فيؤثر علي مناطق عصبية خاصة جدا، تاركا البقية بمأمن من تأثيره أو حتي أكثر قوة مما ينبغي لها أن تكون .
فنجد بعض الأطفال المصابين لديهم قدرة كبيرة جدا علي تعلم القراءة بمفرده أو القدرة علي حفظ سلسلة خيالية من الأعداد.
و إذا كنا نعني بالتخلف التأخر عن التعليم ، فمثلا يعاني بعض المصابين من تأخر مهاراتهم بنسبة ٢٠٪ فكلما كان التأخر في التعليم أكبر، كلما كانت حالة التخلف أكبر.
إذا فالتخلف هنا يقاس تبعا لمقدرة الشخص علي التعلم مقارنة مع شخص طبيعي في نفس العمر.
هل المصاب بالتوحد شخص مُكَلَّف؟
لا يمكن الحكم علي المصاب بالتوحد بحكم مُطلق، بل كل حاله بحسبها . فإن لم يفقد المصاب قدراته العقلية التي يُميز بها بين الخير و الشَّر و الصواب و الخطأ ، فهو مكلف و مؤاخذ علي أقواله و أفعاله و حسابه عند ربه.
أما إذا فَقَدَ تلك القدرات أو أنها ضَعُفَت أو إختلَّت ، سقط عنه التكليف شرعا ووجب علي من حوله مراعاة ذلك في أمره و تعليمه.
تعليقات
إرسال تعليق